الأحد، 7 سبتمبر 2014

::هـــــــام وخطـــــــــــــــير : حول ما جاء في فتوى دار الإفتاء بخصوص شهادات استثمار مشروع قناة السويس ::




:: حول ما جاء في فتوى دار الإفتاء بخصوص شهادات استثمار مشروع قناة السويس ::
جاء فيها:
1- اعتبار الدولة شخصية اعتبارية، ومن ثم فهي تختلف عن الشخصية الحقيقية.
2- اعتبار العقد بين الدولة (الشخصية الاعتبارية) وبين الأفراد (الشخصية الحقيقية) عقد تمويل، وليس قرضاً.
3- اعتبار الفائدة المتفق عليها في العقد هبة وجائزة من الدولة تعطيها للأفراد نظير مساعدتهم لها في تمويل المشروع.
ولنا عدة ملاحظات:
1- ما دام عقد التمويل هو عقد جديد يناسب مستجدات العصر (كما ذكرتم)، فما استجد من عقود فالصحيح أنها تقاس على ما ورد في الشرع جوازه أو عدمه...
ومن ثم فعقد التمويل لا يخرج عن كونه عقد قرض، أو عقد مضاربة، أو عقداً آخر لا يشبه هذين العقدين..
فإن كان عقد قرض فكل زيادة عليه فهي ربا صريح.
وإن كان عقد مضاربة، فالأرباح فيه تكون نسبة من مجموع الأرباح الكلية، ولا يجوز فيه تحديد قدر ثابت يكون نسبة من مجموع رأس المال، بل ولا ضمان رأس المال.
وأنه لو جعل أحد الأطراف لنفسه دراهم معلومة فهذا العقد باطل بالإجماع، كما نقل ذلك ابن المنذر فيما نقله عنه صاحب المغني (5/148)
وإن لم يكن واحداً من هذين؛ فما التوصيف الشرعي الصحيح الذي يقاس عليه ما سميتموه (عقد التمويل)؟
على أنه قد جاء في فتوى دار الإفتاء الصادرة في (9/12/1979) ما نصه:
"لما كان الوصف القانوني الصحيح لشهادات الاستثمار أنها قرض بفائدة، فإن فوائد الشهادات وكذلك فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة؛ تدخل في نطاق ربا الزيادة، لا يحل لمسلم الانتفاع بها."
وكذلك الفتاوى الصادرة بتاريخ (14/3/1979) وتاريخ (22/1/1980) وتاريخ (2/8/1981)
وكلها تنص على اعتبار شهادات الاستثمار وصناديق التوفير ما هي إلا قروض، وفائدتها ربا محرم، لا فرق بين الأفراد والدولة في ذلك.
2- هذه الشخصية الاعتبارية ما الفرق بينها وبين الشخصية الحقيقية في باب العقود؟
وهل يجري عليها الربا أم هي مستثناة من نصوص تحريمه، وبأي دليل؟
وهذه الشخصية الاعتبارية ألا يمثلها شخص أو عدة أشخاص هم وكلاء عنها في العقود؟
ثم ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ممثلاً للدولة الإسلامية، وكانوا في حاجة لتجهيز الجيوش وفكاك الأسرى وإطعام الفقراء؛ فلماذا لم يعتبر نفسه شخصية اعتبارية باعتباره ممثلاً عن الدولة؟
3- أما الفائدة التي يأخذها الأفراد نظير مساعدتهم للدولة، ما الفارق بينها وبين القرض ﻷجل طويل نظير الزيادة؟!
أهو الاسم أو الشخصية الاعتبارية؟
فإن كان الاسم؛ فلقد كان سهلاً على المرابين أن يسموا معاملاتهم الربوية عقود تمويل، فإنه ما من مقترض إلا وله حاجة يريد تمويلها من هذا القرض!
وإن كانت الشخصية الاعتبارية؛ ففي أي نص من كتاب أو سنة أو قول فقيه أن الشخصية الاعتبارية مستثناة من أحكام الربا، وتتحول عقود القرض في حقها إلى عقود تمويل مجهولة الهوية الشرعية؟!
4- ثم هذه الجائزة التي تعطيها الدولة للأفراد نظير مساعدتهم لها، من منهم كان في نيته مساعدة الدولة أصلا؟
وهل يتصور من أحدهم مساعدة الدولة لو لم توجد الفائدة التي سميتموها (جائزة)؟
أم أن هدف الجميع هو هذا الربح المحض والمكسب المضمون نظير إقراضه ماله للقائمين على المشروع باسم (الدولة)؟
5- نبهتم على عدم أخذ الفتوى إلا من المختصين (الوسطيين)، ولمحتم إلى أن القائلين بتحريم هذه الفوائد هم من المتشددين الذين يدورون في دائرة التحريم فقط!
ولا أدري ماذا يصنع الرجل العامي وهو يرى هذا التناقض الصارخ في فتاوى دار الإفتاء، فمرة تكون هذه الفوائد محرمة بالإجماع ومرة تكون حلالاً بالإجماع!
فقد جاء في فتاوى دار الإفتاء عدة فتاوى لكبار علماء الأزهر بتحريم هذه الفوائد والنهي عنها، منها:
- فتوى رقم (413) للشيخ بكر الصدفي رحمه الله، مفتي الديار المصرية (ت 1919)
- فتوى رقم (3252) للشيخ عبد المجيد سليم رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1954)
- فتوى رقم (3178) للشيخ حسن مأمون رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1973)
- فتوى رقم (3346) للشيخ عبد اللطيف حمزة رحمه الله، مفتي الديار المصرية (ت 1985)
- فتوى رقم (819) للشيخ جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله، مفتي الديار المصرية ثم شيخ الأزهر (ت 1996)
6- وقد نشرت مجلة الأزهر في عدد ربيع الأول 1410 ، الموافق نوفمبر 1989 بحثاً للشيخ أحمد فهمي أبو سنة، عضو مجمع البحوث في الأزهر، وعضو مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي..
وقد جاء فيه قوله:
"وإن اشتراط نسبة معينة -إن قلنا: إن شهادات الاستثمار من باب المضاربة- خارج عن محل الإجماع على وجوب أن يكون الربح في الشركات شائعا، وإن لم تكن مضاربة فليست إلا ربا!"
7- أما بالنسبة للاجتهاد الجماعي فقد انعقد المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة لسنة 1965 - 1385 بهيئة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والذي شارك فيه العديد من رجال القانون والاقتصاد والاجتماع من 35 دولة إسلامية، وقد جاء فيه:
"الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية"
وجاء فيه أيضاً:
"الفائدة على جميع أنواع القروض ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرب الاستهلاكي، وما يسمى بالقرب الإنتاجي؛ ﻷن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة بتحريم النوعين."
والأرض الإنتاجي هو ما يسمونه اليوم بعقد التمويل!
وقد أعيد نشر هذا القرار بمجلة الأزهر في صفر 1410، الموافق سبتمبر 1989.
8- ونحو ما جاء في المؤتمر السابق جاء قرار المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة في صفر 1396، الموافق فبراير 1976.
9- ما الفرق بين فتوى اليوم بتحليل شهادات الاستثمار، وفتاوى الأمس بتحريمها، وهي نفس الشهادات، والفتوى خرجت من نفس المؤسسة الدينية، فضلاً عن الاجتهاد الجماعي السابق، المتفق على القول بالتحريم دون أن يشذ عنهم واحد؟!
10- نرجو أن تتم مراجعة الأمور مرة أخرى على وفق الكتاب والسنة..
ونسأل الله أن يهديكم سواء السبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق