الجمعة، 13 فبراير 2015

الإنتخابات .. وترشيح النساء ...والنصارى .. وماذا قال الألبانى رحمه الله فى ذلك والشيخ الشترى عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة سابقا ونظرة شرعية






*************************************************************

 العلامة الشترى والمشاركة فى الإنتخابات




****************************************************************


فتوي الالباني بشان انتخاب النصاري والملف مفرغ http://www.gulfup.com/?ceobam
youtube.com
المرأة والنصارى في البرلمان القادم : رؤية شرعية
كتبه/ أحمد الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1) مقدمة :-
من النوازل الجديدة التي تواجه حزب النور في هذه الدورة البرلمانية أن القانون قد ألزم الأحزاب السياسية بتشكيل معين للقوائم الإنتخابية بحيث تتضمن تمثيلاً محدداً للفئات المهمشة وعلي رأسهم المرأة والنصارى ، وقد استند واضعوا هذا القانون علي المادة (244) في باب الأحكام الانتقالية من مشروع دستور 2013 ، وقد نصت المادة على ما يلي :-
" تعمل الدولة علي تمثيل الشباب والمسيحيين والاشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج ، تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور ، وذلك علي النحو الذى يحدده القانون ".
ومع أن هناك صيغ عديدة لتفعيل هذه المادة الدستورية ، إلا أن قانون الإنتخابات قد إختار صيغة إلزامية محددة أحدثت نوعاً من الإرتباك والتخبط لدي جميع الأحزاب نظراً للصعوبة الشديدة في تشكيل هذه الأصناف بطريقة قانونية صحيحة ، وبالتالي فالمتوقع أن هذا القانون لن يستمر طويلاً بسبب مشاكله العديدة التي طالت جميع المعنيين بهذا الشأن ، بالإضافة إلي أن الدستور قد قصره علي هذه الدورة البرلمانية فقط.
ورغم هذا إلا أن هناك أسئلة كثيرة تدور حول مدي مشروعية مشاركة المرأة والنصاري في المجالس النيابية مثل ما يلي :- هل يعد آثماً من يشارك في الانتخابات بهذه الصورة خصوصاً عند من يري عدم جواز دخول المرأة والنصاري لهذه المجالس ؟ وهل تعد هذه المسألة من باب الثوابت العقدية التي لا ينبغي التهاون فيها أو القبول بوجودها ؟ وما هي آلية التمييز بين ما يدخل في باب المصالح والمفاسد وبين ما يدخل في باب الثوابت العقدية بالنسبة لهذه المسألة ؟ وهل إذا أعملنا ميزان المصالح والمفاسد سترجح كافة المصالح المتحققة عن المفاسد المتوقعة أم العكس ؟ ، كل هذه التساؤلات وغيرها مما يدور في عقول كثير من الناس ، لذا وجب علينا البيان والإيضاح ، والله المستعان.
2) تحقيق مسألة مدي مشروعية دخول المرأة والنصاري إلي المجالس النيابية :-
اعلم رحمني الله وإياك أن هناك خلاف سائغ بين العلماء المعاصرين حول توصيف المجالس النيابية ، فمن يري أنها تتحقق فيها صفة الولاية فإنه يعتقد عدم جواز تمثيل المرأة والنصاري فيها ، أما من يري أن هذه المجالس لا تتحقق فيها صفة الولاية فإنه لا يجد بأساً في دخول المرأة والنصاري فيها ، وهناك بالطبع من يري مشروعية تولي المرأة والنصاري للولايات العامة أمثال الأستاذ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي وغيرهم ، ولكن ربما لا يتسع المقام للرد عليهم أو التعليق علي آرائهم.
وبالتالي فالقضية برمتها – بهذا التوصيف – تعد من قضايا الخلاف السائغ بين العلماء والتي لا يُفسق فيها المخالف ولا يُبدع ولا يُتهم بالتخلي عن مبادئه أو التنازل عن ثوابته ، والأمر دائر بين الأجر والأجرين طالما تجرد الباحث عن الهوي ولم يتعمد إنتقاء الآراء بالتشهي أو التصيد من أقوال المذاهب والعلماء وفق ما يحب ، أما من يسعي لذلك من أجل أن يقدم قرابين للداخل والخارج ، أو ليبرهن علي سماحته ومرونته ورفضه للتشدد وغير ذلك فهو من ينطبق عليه وصف التنازل عن الثوابت وتمييع قضايا الدين من أجل الحصول علي مكاسب سياسية رخيصة.
أولاً : حكم دخول المرأة إلي المجالس النيابية :-
1) من يري الحرمة يستدل بما يلي :-
1. عموم قول الله عزوجل " وليس الذكر كالأنثي " ، وموطن الشاهد في ذلك أن الشريعة الغراء قد ميزت بين الرجال والنساء في بعض الأحكام والوظائف ، ومن هذه الفروق الظاهرة أن النبوة أو الرسالة جاءت خاصة بالرجال فقط كما قال عزوجل " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم " ، ومريم عليها السلام رغم فضلها وعلو منزلتها إلا أنها لم تبلغ مرتبة الرسالة ، قال الله عزوجل عن عيسي عليه السلام " وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام "، هذا بالطبع مع تقريرالقاعدة الأصلية التي نصت علي المساواة بينهما في عموم التكاليف كما ورد في الحديث الشريف " إنما النساء شقائق الرجال ".
2. من رفق الشريعة بالمرأة أن أعفاها من الوظائف الخشنة والمهام الصعبة التي لا تتناسب مع أصل خلقتها وطبيعة تكوينها ، قال الله عزوجل " أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين " ، فضلاً عن الأعذار الشرعية التي أعطاها الشرع للمرأة في بعض الأوقات ، وعن غلبة العاطفة علي العقل لديها لذا وصفهن النبي صلي الله عليه وسلم بنقصان العقل والدين ، وهذا بالطبع ليس تقليلاً من شأنهن بل هو تكريم وحماية ، مع شفقة ورحمة لضعفها وعدم تحملها، والعمل البرلماني من الأعمال التي ينطبق عليها وصف المشقة بما يتطلب من سفر وتجوال وإحتكاك بمشاكل الناس وهذا معروف من التجربة والممارسة.
3. إجماع العلماء علي شرط الذكورة في الإمامة لنص قول النبي صلي الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة " ، ومعلوم أن كلمة " قوم " أتت نكرة لتفيد العموم في كل زمان ومكان ، ولا تعتمد علي إمكانيات المرأة من حيث كونها قوية الشخصية مثلاً أو حادة الذكاء أو غيرها ، إنما المنع متوجه لجنس النساء عموماً.
4. أن المرأة لم تكلف بولاية في عهد النبي ولا عهد صحابته رغم وجود عدد منهن قد اشتهر عنهن الحكمة والعقل والبصيرة ، يقول ابن قدامه رحمه الله في المغني " لم يول النبي ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاءاً ولا ولاية بلد ، فيما بلغنا ، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً ".
بالإضافة إلي أدلة وجوب الحجاب واستحباب الصلاة في البيت واستحباب القرار في المنزل وغير ذلك من الأدلة ، وعليه فإن الواقع العملي الذي سار عليه سلف الأمة يشير إلى أنه لم يثبت دليل في اشتراك النساء في مجالس الشورى رغم مرور الأمة الإسلامية بصعاب جمة، ومشاكل عظيمة، مع وجود نساء كثر أعلم من الرجال وأحكم ، وبناءاً علي ذلك تُمنع المرأة من المشاركة في هذه المجالس.
2) من يري الجواز يستدل بما يلي :-
لم يماري هذا الفريق من العلماء في الأدلة التي ذكرها المانعون من مشاركة المرأة في المجالس النيابية ، وإنما بنوا وجهة نظرهم على توصيف لطبيعة العمل النيابي ، والذي غالباً ما يكون عمله إما سن القوانين والتشريعات ، أو مراقبة السلطة التنفيذية في تصرفاتها وأعمالها، فأما سن التشريعات فليس في الإسلام ما يمنع المرأة من ذلك؛ لأن هذا يحتاج إلى العلم والمعرفة بحاجات المجتمع ومشاكله ، والإسلام يعطي حق العلم للرجل والمرأة على السواء، وأما مراقبة السلطة التنفيذية فلا يعدو أن يكون أمراً بالمعروف أو نهياً عن المنكر، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من الأدلة منها :-
1. عموم التكليفات الشرعية لكل من الرجال والنساء ، والتي تشمل كلاً من الرجل والمرأة وبالتالي لا يجوز إخراج المرأة منها إلا بنص صريح في ذلك ، والنص علي عدم جواز تولي المرأة الولايات العامة لا ينطبق علي المجالس النيابية ، لأن المرأة لم تمنع من الفتيا وهي مهمة قريبة من مهمة التشريع ، ولم تمنع من شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي قريبة أيضاً من مهمة الرقابة.
2. أما ما قد يستدل به البعض من قوامة الرجل علي المرأة وأن هذا يتعارض مع وجود المرأة في البرلمان ، فالواقع أن عدد النساء في المجلس يكون أقل بكثير من عدد الرجال ، وبالتالي لا يقدح هذا الأمر في مسألة القوامة ، أما مسألة الولاية فالواقع أن الولاية في هذه المجالس لمجمل المجلس، وليس لكل فرد فيه علي حدة ، وبالتالي فمشاركة المرأة لن تجعل لها الولاية الكاملة إنما هي وكيلة عن مجموعة من الناس ، والعقد الذي بينها وبينهم عقد وكالة تنوب فيه المرأة عمن اختارها لتقوم نيابة عنهم لتعبر عن رأيهم وتنقل مشاكلهم وهكذا، وهي ليست ممنوعة شرعاً من ذلك.
3. مشاركة المرأة في إبداء الرأي والمشورة في عدد من المواقف ثابتة ومشهورة منها قوله تعالى : " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"، ومنها ما تم في الحديبية عندما قال النبي لأصحابه :" قوموا فانحروا ثم احلقوا، فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، حتى أشارت إليه أم سلمة فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك " ، وكان هذا الرأي منها رضي الله عنها حلاً لهذه الفتنة الشديدة ، ومنها القصة التي وقعت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أراد تحديد المهر بأربعمائة درهم فقامت امرأة من قريش فقالت له : أما سمعت قول الله : " وءاتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا " فقال عمر رضي الله عنه : أيها الناس إني كنت قد نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب ".
الخلاصة :-
أن الفريق الأول من العلماء اعتبر أن النيابة عن الأمة جزء من الولاية العامة، وهي لا تجوز للمرأة لما تقدم من أدلة ، والفريق الثاني يري أن النيابة وكالة عن الأمة، ولا تدخل في الولاية العامة؛ لأنها أصلا لا تعطي صاحبها أي سلطة تنفيذية يمكن أن تدخل في نطاق الولاية العامة والله أعلم.
ثانياً : حكم دخول النصاري إلي المجالس النيابية :-
1) من يري الحرمة يستدل بما يلي :-
1. نصت النُّصوص الشرعية على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ابتداءً، وأنَّه لو طرأ عليه الكفر بعد توَلِّيه، فإنه ينعزل وتَسقط ولايته ، قال الله تعالى: " وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ". وقال سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " فدلَّ بقوله: " مِنْكُمْ " على أنَّ أولي الأمر يجب أن يكونوا من المسلمين المؤمنين؛ لأنَّ الخِطاب متوجِّه إليهم من بداية الآية.
2. إجماع المسلمين منعقِدٌ على اعتبار شرط الإسلام فيمن يتولَّى حكم المسلمين وولايتهم، وأنَّ الكافر لا ولاية له على المُسلم بحال، قال القاضي عياض: " أجمع العلماءُ على أنَّ الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنَّه لو طرأ عليه الكفر انعزل، وكذا لو ترك إقامةَ الصَّلوات والدُّعاءَ إليها" ، وقال ابن المنذِر: إنَّه قد " أجمع كلُّ مَن يُحفَظ عنه مِن أهل العلم أنَّ الكافر لا ولايةَ له على المسلم بِحال" ،وقال ابن حَزم : " واتَّفقوا أنَّ الإمامة لا تجوز لامرأةٍ ولا لكافر ولا لصبِي".
3. الاستدلال بآيات البراء من المشركين كما قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض" وبمثل قوله تعالى : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون"، وبمثل قوله : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" إلى غير ذلك من الآيات التي تدل علي وجوب ترك الاستعانة بهم في الولايات ، وقد روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى رضي الله عنه قال : " قلت لعمر رضى الله عنه إنّ لي كاتباً نصرانياً. قال : مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعضهم" ـ ألا اتخذت حنيفاً ؟ قال : قلت يا أمير المؤمنين : لي كتابته وله دينه. قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله.
2) من يري الجواز يستدل بما يلي :-
كما سبق وأوضحنا في حكم دخول المرأة للمجالس النيابية ، فما ينطبق علي المرأة ينطبق علي النصاري عند هذا الفريق من العلماء ، حيث أنهم لا يجوزون ولاية الكافر ولكنهم يُخرجون أعمال المجالس النيابية عن وصف الولاية كما ذكرنا.
3) تحقيق مسألة إعمال قاعدة المصالح والمفاسد عند من يري عدم جواز دخول المرأة والنصاري إلي المجالس النيابية :-
الموازنة بين المصالح والمفاسد في هذا الباب يمكن إجراءها بصورة صحيحة إذا نظرنا في : أهمية التواجد في البرلمان في الفترة القادمة مقارنة بالإنسحاب أو التواجد الضعيف ، بالإضافة إلي إستحضار صور وأشكال الممارسة السياسية للحزب في الفترة الماضية ومدي تأثيرها علي مجريات الأحداث مقارنة بإسهامات الآخرين وتواجدهم ، وبناءاً علي ما سبق يمكننا ذكر ما يلي :-
1. حزب النور هو الحزب السياسي الوحيد علي الساحة المصرية الذي ينادي بمرجعية الشريعة وهو النموذج الوحيد أيضاً للأحزاب التي تقوم علي خلفية دينية ، ومن الخطورة بمكان أن تُترك الحياة السياسية بدون أحزاب إسلامية ، خصوصاً بعد تجربة فشل الإخوان في الحكم والتي ألقت بظلال سيئة علي ممارسة الإسلاميين السياسية والتي كانت ما زالت بعد في مهدها الأول ، وبالتالي فالإنسحاب في هذا الوقت الحساس يعني كتابة شهادة وفاة للتجربة السياسية الإسلامية برمتها لا قدر الله.
2. حزب النور هو صمام الأمان الحقيقي للمجتمع أمام موجة الإلحاد والإنحلال العارمة التي يُراد بالبلاد أن تنجرف نحوها ، وبما أن الحياة في مجملها تقوم علي الممانعة ، والصراع الفكري يحتاج بالخصوص إلي عدة أوراق لتشكيل ممانعة قوية أمام هذه الموجات الفكرية العنيفة ، فحزب النور بفضل الله يمتلك ورقة مميزة في هذا الباب ألا وهي معرفته الجيدة بتفاصيل الشريعة وقدرته علي المناظرة ورد الشبهات بطريقة تجمع بين العلم بالشرع والوعي بالواقع مع قوة في الطرح وصرامة في الرد تجعل منه حجر عثرة أمام من يريدون فتح بوابات الفساد علي المجتمع بأسره ، وفي أحيان كثيرة لا يجد هذا الفريق حيلة سوي أنه يطعن في رموز الحزب ويشوه مسيرته الدعوية قبل الثورة والسياسية بعدها ، ونحن نحتسب هذا الأجر عند الله وندرك أننا نقوم بدور صخرة الممانعة في هذا النزال.
3. الممارسة السياسية للحزب تمثل غطاءاً شرعياً للتحرك الدعوي علي الأرض ، وتفتح نافذة للتواصل مع مؤسسات الدولة ورجالات الحكم ، وهذا الأمر يعد أحد أهم أركان العملية السياسية الإصلاحية التي تتبناها الدعوة السلفية منذ عشرات السنين ، وهي منظومة الإصلاح الثلاثية (الفرد – المجتمع - الدولة) ، ولا يتأتي إصلاح الدولة إلا بالتواجد النشط والفعال داخل هيئاتها ومؤسساتها ومد جسور الثقة والعلاقات الطيبة معهم وهذا من آكد المعاني الشرعية التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا ونحن نمارس السياسة لأن الله عزوجل يقول " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك أمرت ".
4. حزب النور يحقق مصالح لا حصر لها بتواجده في الساحة السياسية ، بما يقوم به من تصحيح لرؤية الآخرين عن الممارسة الإسلامية للسياسة ، والخلفية الفكرية للحزب ، ويواجه أيضاً حملات المشككين والمتربصين الذين غاب عنهم الإنصاف وأعوزهم الصدق ، ويقوم أيضاً بإسداء النصح وطرح الرؤا وتصحيح المسار بما أمكنه من جهد وبما يُنعم الله عليه من توفيق ، ويساهم كذلك في رفع المعاناة والظلم عن المظلومين ، وهو في كل ذلك يسدد ويقارب بين المحافظة علي تماسك الدولة وحمايتها من الإنهيار وبين ضبط المسار وتقليل الإنحراف بقدر الممكن والمستطاع.
5. الدورة البرلمانية القادمة من أهم الدورات التشريعية التي تمر بها مصر ، لأنها تأتي في أعقاب دستور جديد من البدهي أن من شارك في صياغته وكتابته ، سيكون عنده الحرص الشديد علي التواجد البرلماني من أجل حماية مكتسباته الدستورية ، ومن أجل تحويل هذه المواد الدستورية إلي مشروعات قوانين جديدة ، بالإضافة إلي إمكانية تعديل ما سبق من تشريعات وقوانين لتناسب التوجه العام الحاكم علي كل بنود الدستور الجديد بديباجته ومواده .
6. التراجع عن الخطوات الإيجابية التي تم إنجازها علي مدار أربع سنوات ، أو التواجد الهش الذي لا يكون له كبير أثر علي الأرض ، يعطي الفرصة علي طبق من ذهب لكل خصم يريد أن يتشفي في هذا الحزب أو يمحو تاريخه من ذاكرة المصريين ، ولعل المتابع لكم القضايا التي تُدفع للمحاكم من أجل حل الحزب أو منعه من المشاركة السياسية ، يدرك تماماً حجم الخطر المتوقع من أي خطوة تراجع للوراء ، لأن أبسط قواعد السياسة عند هؤلاء الناس أن يجتمعوا عليك لكي لا تقوم لك قائمة بعد ذلك ، والله المستعان.
7. ما يتعرض له الحزب من حملة تشويه ممنهجة في وسائل الإعلام وما قد يواجهه أعضاء الحزب من بعض الصعوبات أو المضايقات من بعض مؤسسات الدولة ، فهذا في الحقيقة أمر لا يُذكر بما كان متوقع أن يتم وبالمقارنة أيضاً مع التيارات الأخري التي يتعرض وجودها الكياني إلي الفناء فضلاً عن أن تحقق مصالح أو تنجز مكتسبات، وعموماً فالمعيار الذي يجب أن نقيس عليه أهمية الإستمرار في المشهد هو المعيار النسبي وليس الصورة المثالية التي يرسمها كل إنسان في مخيلته تعبيراً عن آماله أو أحلامه ، لذا نقول علي فرض أن هناك بعض المشاكل الآن فما هو المتصور في حالة الإنسحاب هل ستزيد أم ستقل ؟ والواقع يؤكد أنها ستتضاعف إلي ما لا يمكن تخيل حد لنهايته لما ذكرنا من أسباب.
8. أما بالنسبة لمشاركة المرأة والنصاري فيجب أن ننتبه إلي أن إدارة الدول تختلف تماماً عن إدارة المؤسسات الخاصة سواء كانت دعوية أو خيرية أو حتي سياسية ، وبالتالي من يتعرض لإدارة دولة فلا بد أن يحذف من تفكيره تماماً أي محاولة للإقصاء أو الاضطهاد أو غيرها من الوسائل الغير سوية، لأنك ببساطة لا تعيش بمفردك داخل هذه الدولة ، ولا بد أن تُشرك معك غيرك في إدارة الدولة حتي تستطيع أن تحكمها وحتي لا يتحول هذا الفصيل المضطهد إلي شوكة تؤتي منها الدولة في يوم من الأيام ، لأن الشغب دائماً ما يأتي من مدرجات المتفرجين ، هذا بالطبع مع عدم الإخلال بالقواعد الشرعية أو المنطلقات العقدية ، وهناك صيغ عديدة يمكن أن تحقق مبدأ الحكم التشاركي دون أن يكون فيها محظورات شرعية ، وقد كانت هذه النقطة محل اتفاق بين كل الاسلاميين المشاركين في كتابة دستور 2012، والذي مثل كل فئات وطوائف المجتمع.
9. أما بالنسبة لمشاركة المرأة ، فيجب أن نعلم أن القانون قد تم الإنتهاء منه ولم يعد بإمكاننا تعديل شيء الآن ، وبالتالي فالتفكير السليم يتوجه إلي ما يُسمي في علم الإدارة بفن إدارة المخاطر أو إدارة الخسائر ، وهذا يكون عن طريق تقديم نماذج صالحة من نساء ملتزمات وفضليات وفي نفس الوقت علي درجة من الرقي والفهم في علوم الدنيا ، وهذا بلا شك أفضل من أن تتولي قيادة المرأة في مجتمعاتنا حركات نسوية مشبوهة معروفة بعداءها للإلتزام فضلاً عن المظهر العام الذي غالباً ما يصاحبه تبرج فاحش أو غيره ، ونحن عندما نتكلم عن ضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة فليس الهدف هو مجرد مشاركة في برلمان وإنما الغرض كما ذكرنا تقديم نماذج صالحة من النساء تكون قدوة للفتيات والنساء في المجتمع حتي لا يتصور أحد أن الإلتزام عائق للمرأة عن التعلم والثقافة ، وهذا لا يعني أن تحتشد جميع النساء للتصدر لهذا الأمر وترك المهمة الأساسية للمرأة في المنزل ، وإنما يتم إختيار من تتوافق ظروفها وإمكانياتها مع هذا العمل والله أعلم.
10. أما بالنسبة لمشاركة النصاري فالأمر أيضاً خاضع لمبدأ النسبية ، حيث يتواجد بعض النصاري ممن لا يحمل عداءاً ظاهراً للإسلام ، أو لا ينشغل بهذه القضايا ، أو يري بما أطلع عليه من تجارب وممارسات أن العيش في ظل الإسلام أنفع وأكثر أماناً من أن يظلوا رعايا لرهبان الكنيسة وشعباً خاصاً لهم ، وبالتالي فعند مقارنة أحد هذه النماذج بنموذج آخر حاقد علي الدين مستهزيء بشعائره (كمن رسم رسوماً كرتونية مسيئة للحجاب) ، أو سليط اللسان سيء الأدب (كمن سب دين المسلمين علي الهواء) ، أو من يشهد سلوكه وتدل أخلاقه علي إنحلال ظاهر (كمن تمني اليوم الذي تسير فيه النساء في مصر بتنورات قصيرة وأن تختفي مظاهر الحجاب من الشوارع والطرقات) ، أو من عُرف بفساده المالي والسياسي وتغوله علي حقوق الفقراء والضعفاء وامتصاصه لخيرات البلد دون تقديم أي خدمات تُذكر للمواطنين ، أقول إذا عقدنا مقارنة كهذه فهل من المتصور أن نترك الساحة لهذه الأمثلة المدمرة أم نستبدلها بنماذج أكثر إعتدالاً ، وعموماً فإن هذا الأمر - بإذن الله - سيتولد منه أنواع من الخيرات والبركات ما كانت تخطر لنا علي بال وصدق الله إذ يقول " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي " ومن يتابع الإعلام ويري بعض من هذه النماذج البديلة يعلم حقيقة ما أقول.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

==============================


أطروحة علمية مختصرة حول الانتخابات البرلمانية القادمة

كتبه/ أحمد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


عناصر الموضوع :-


1) مقدمة وتمهيد.

2) الموقف من المشاركة السياسية قبل الثورة.

1. هل كانت الدعوة بمعزل عن المشاركة السياسية بمعناها العام؟


2. لماذا لم تُصنف الدعوة كفصيل مناهض للنظام ، ولم يكن يظهر عليها سلوك المعارضة كالاحتجاجات والمظاهرات وغيرها؟

3. لماذا لم يقم شباب الدعوة السلفية بالحراك الثوري الذي قام به غيرهم ممن هم أضعف خبرة وأقل في العدد؟

4. ما هي أسباب احجام الدعوة السلفية عن المشاركة في الانتخابات قبل الثورة؟

3) الموقف من المشاركة السياسية بعد الثورة.

1. السياق الزمني للمشاركة السياسية لحزب النور بعد الثورة.

2. متغيرات ما بعد الثورة ودورها في تغير اجتهاد الدعوة.

3. ثوابت دعوية قبل المشاركة السياسية.

4) منهج الدعوة السلفية في التغيير والاصلاح مقارنة بباقي المناهج.

1. الاتجاه الأول : من يري الإصلاح والتغيير من خلال القاعدة.

2. الاتجاه الثاني : من يري الإصلاح والتغيير من خلال القمة.

5) أهمية العمل السياسي وموقعه علي الخريطة الدعوية.

6) ماذا جنت الدعوة السلفية وحزب النور من المشاركة السياسية وماذا ننتظر أن تحقق؟

7) حزب النور ومنهجية إدارة الضغوط.

8) لماذا فشلت التجربة السياسية لجماعة الاخوان؟

9) سياسات خاطئة يجب البعد عنها.

10) نصيحة أخيرة لأبناء حزب النور.

1) مقدمة :-

كلما اقتربنا من موسم الانتخابات كلما اتسعت مساحة الجدل بين أبناء الصحوة حول طبيعة مشاركة الدعوة والحزب في الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة الطريق ، فالبعض مقدم ، والبعض محجم ، والكل ينتابه نوع من القلق والحذر ، خصوصاً وأن الانتخابات هذه المرة تعد جديدة من نوعها سواء في فرصها أو في مخاطرها أو في تحدياتها ، وأبناء الدعوة السلفية وحزب النور دائما لا يتحركون إلا وفق الدليل الشرعي ثم النظر المنطقي والعقلي ، ولعل هذا الحرص علي الفهم – مع حسن السمع وأدب الطاعة - مما يطمئننا علي مستقبل هذه المؤسسة بإذن الله ، ومن خلال الدراسة التالية سوف نعرج باختصار على قضية الموقف من المشاركة السياسية بشكل عام مع التركيز علي المحاور الأساسية والمفصلية في هذه القضية ، نسأل الله عز وجل في عليائه أن تكون سبباً في هداية الحائر، وأن تكون معيناً للمتشكك ، وتثبيتاً للمتيقن.
2) الموقف من المشاركة السياسية قبل الثورة :-

شاع لدي كثير من الناس اعتقاد أن الدعوة السلفية لم يكن لها دور سياسي قبل الثورة ، ولم تشارك سياسياً بشكل عملي إلا بعد اندلاع الثورة ، وهذا خطأ محض لأن الدعوة كانت حاضرة بقوة في المشهد السياسي بدائرتيه الداخلية والخارجية ، ولم تكن قط مترهبنة في صومعة أو معتزلة للواقع الذي تعيش فيه ، فعلي سبيل المثال ؛ كان للدعوة موقف واضح من الثورة الايرانية الخومينية ، وكان لها رأي في أحداث الخليج بكل تفاصيلها ، وكانت تتابع ما يجري في العراق ، وتتفاعل ما يجري في فلسطين ، وتراقب حرب لبنان وتحركات حزب الله ، وتحذر مما يجري في السودان ، وتنصح لأهل أفغانستان والشيشان ، هذا علي الصعيد الخارجي ، أما علي الصعيد الداخلي فالدعوة السلفية تقع علي رأس الحركات الشبابية التي كان لها دور محوري في المجتمع من خلال الجامعات والمدارس ، وقد كان أبناءها يتعرضون للاعتقال والايذاء قبل أن تتواجد الكيانات الشبابية أو التجمعات الثورية والتي كان لعدم بروز الصبغة الاسلامية لهم دور أساسي في نجاح تحركاتهم علي الأرض.

أما عن أسباب نشأة هذا التوهم لدي البعض فيمكن تلخيصها فيما يلي :-

1. أن الدعوة لم تكن تشارك في الانتخابات ، وهي أظهر نشاط سياسي وقتها ؟

والجواب علي ذلك أن هناك خلط لدي البعض بين المشاركة السياسية بمعناها العام ، وبين الانتخابات كإحدى صور المشاركة السياسية ، وما كانت تتبناه الدعوة قبل الثورة هو عدم المشاركة في الانتخابات ، وقد كان ذلك بهدف تعرية النظام وكشف فساده ، وليس من أجل الامتناع عن المشاركة ككل ، والدليل علي ذلك أن بعض الفصائل التي كانت تشارك في الانتخابات قبل الثورة ، كانت تمتنع عن المشاركة في بعض الدورات بحجة عدم وجود ضمانات كافية لضمان المشاركة ، وهذا هو عين ما كنا نقوله طوال تلك الفترة ، بالإضافة إلي أن من يطلع علي حجم المشاركة العالية ، والشعبية الكبيرة ، والأداء المتميز لرموز حزب النور الذي أنشأته الدعوة ، يتأكد تماماً أن هذا الانجاز لم يكن يتحقق من يوم وليلة ، بل كان من وراءه جهد جهيد ، وعمل دؤوب طوال هذه الفترة.

2. أن الدعوة لم يكن يظهر عليها سلوك المعارضة كالاحتجاجات والمظاهرات وغيرها ، ولم تصنف كفصيل مناهض للنظام ؟

في الواقع هذا لا يعد دليلاً علي عدم مناهضة فساد النظام السابق أو ظلمه ، إنما الخلاف هنا حول طريقة المعارضة ، فالدعوة السلفية بما أنها في الأصل جماعة دعوية هدفها إقامة الدين ثم سياسة الدنيا بالدين ، فبالتالي فإن سلوكها يختلف عن أي فصيل سياسي آخر ليست له وظيفة إلا المعارضة السياسية ، مع استحضار أن فاعليات الاحتجاج كانت دائما ما يتم مواجهتها بعنف بالغ مع عدم تحقيق شيء من أهدافها ، وقد كان هذا كفيلاً بأن يجعلنا لا نقوم بتكرار هذه التجارب مرة أخري ، حتي نستطيع ادخار مجهوداتنا في أعمال أكثر نفعاً وأعمق تأثيراً.

3. لماذا لم يقم شباب الدعوة السلفية بالحراك الثوري المطلوب طالما كان لهم هذا العمق ، ولديهم هذه الشعبية ، بينما قام به غيرهم ممن هم أضعف خبرة وأقل في العدد؟

الحقيقة المؤكدة أن عدم إظهار الشباب الثائر لهويتهم الاسلامية وقف سداً منيعاً أمام إبادتهم أو الفتك بهم ، وإلا فقد كان من السهل علي النظام البائد أن يسحق كل هؤلاء بدعوي أنها محاولة لقلب نظام الحكم ، وسط تصفيق ومباركة من الشامتين في الداخل والخارج ، وبالتالي يضيع دماء هذا الشباب هدراً بلا ثمن وبلا نتيجة ، وهذا ما جعل الدعوة السلفية توجه النصائح والتحذيرات لهؤلاء الشباب خوفاً من أن يتهور الطرف الآخر ولا يقدر الأمور حق قدرها ، لذلك اختارت الدعوة – ككيان – أن تحمي الجبهة الداخلية للمجتمع ، وأن تحمي ظهور هؤلاء الشباب الذين اعتصموا في الميادين وتركوا بيوتهم وأهليهم ، ونشط أبناء الدعوة في مواجهة المخربين والمفسدين وقطاع الطريق وسراق الأموال ، وأخذت علي عاتقها توفير المواد الغذائية والخضروات وغيرها مما يحتاجه الناس في ظل تعطل الأسواق وتوقف الطرق ، ووقفت أيضاً سداً منيعاً أمام محاولات إشعال الفتنة الطائفية فقامت بحماية الكنائس وبيوت النصارى حتي لا يستغل بعض المغرضين تدهور الأمن فيقوم بإشعال حرب أهلية في المجتمع ، وغير هذا كثير مما لا يمكن حصره كاملاً في هذا المقام ، ولكنها مجرد إشارات للدلالة فقط.

4. ما هي أسباب احجام الدعوة عن المشاركة في الانتخابات قبل الثورة؟

يمكن تلخيص أهم الأسباب التي دفعت الدعوة لاتخاذ قرار بعدم المشاركة فيما يلي :-

1. لم يكن يُسمح للإسلاميين بالمشاركة إلا بعد أن يقدموا تنازلات عقدية خطيرة علي الجانب النظري والعملي ، ولم تكن هذه التنازلات لتتوقف عند حد معين بل كانت تتزايد حدتها مع الوقت ، حتي صار عنوان قبول الاسلاميين في اللعبة الديمقراطية هي مدي قدرتهم علي تقديم أكبر قدر من التنازل.

2. كانت المساومة التي تُعرض علي الاسلاميين وقتها هي الاختيار بين الدعوة والسياسة ، ولم يكن يسمح لأي كيان في الأغلب الأعم أن يجمع بين الوظيفتين ، لذا فلم تستطع الدعوة السلفية أن تضحي بالدعوة وأن تترك هذا الثغر الذي لا يقوم عليه – بهذه الكيفية - غيرها.

3. حقيقة المشاركة في الانتخابات وقت الثورة أنها كانت تقوم علي السماح بمعارضة صورية ، بحيث تعمل كديكور بارز في نظام يدعي أنه نزيه وشفاف ، وبالتالي كانت الدعوة تترفع أن تؤدي هذا الدور الوضيع الذي يخدم النظام أكثر مما يساهم في الاصلاح.

4. من يطلع علي جلسات مجلس الشعب في الدورات التي كان للإخوان فيها ثقلاً كبيراً (88 مقعد) يدرك الدور الحقيقي لهذا المجلس الذي أصبح أداة طيعة في يد الحزب الحاكم ، والذي لم يكن يسمح للمجلس أن يمارس أدواره الحقيقة.

5. كل من عاش في هذه الفترة يجزم تماماً أنها لم تكن ثمة انتخابات حقيقية ، وإنما كان التزوير هو اللاعب الأساسي في هذه العملية ، وبالتالي كانت المقاعد مجرد حصص يتم الاتفاق عليها بشكل أو بآخر ، أضف إلي ذلك عدم وجود أي إجراءات وقائية تمنع التزوير والفساد بل علي العكس من ذلك كانت المنظومة بكل مراحلها تؤدي لذلك.

3) الموقف من المشاركة السياسية بعد الثورة :-

قامت الثورة ، وهبت معها رياح التغيير في كثير من الأصعدة السياسية والمجتمعية ، وكان للدعوة دورها الحيوي في الحفاظ علي الوحدة الداخلية للمجتمع ، وساهمت في حمايته من كثير من المخاطر التي كانت تتهدد أمنه واستقراره ، ومنذ هذا التوقيت والأحداث فرضت علي الدعوة نوع من التواجد والحضور لم يكن مسموحاً لها أن تتواجد فيه من قبل ، وقد تمددت الدعوة في المساحات التي كانت محرومة من الدخول فيها ، فأقامت المؤتمرات الدعوية الكبرى في أنحاء الجمهورية ، وخرج كثير من رموزها وشبابها إلي وسائل الاعلام المقروءة والمرئية متحدثين في أحيان ومناظرين في أحيان أخري ، وشاركت أيضاً في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية بالشروط والضوابط المعروفة لديها.

ولعل هذا النشاط المكثف والمفاجئ هو الذي دفع البعض للظن بأن الدعوة لم يكن لها تواجد قبل الثورة ، ولكن الحقيقة أن الدعوة كانت موجودة وفاعلة بدرجة جيدة ، ولكنها كانت تنوع بين الوسائل المتاحة لديها لضمان وصول الدعوة لأكبر كم ممكن من الناس مع الحفاظ علي سلامة وأمن الدعاة ، ففي أوقات التضييق تزداد جرعة الأعمال التربوية والبنائية ، ومع فترات الانفتاح تتسع مساحة الأعمال الدعوية ، وهذه وتلك مجرد وسائل خاضعة للانكماش والتمدد حسب الحاجة والظرف.
1. السياق الزمني للمشاركة السياسية لحزب النور بعد الثورة :-

من أهم الأمور التي لابد من التأمل فيها عند دراسة مسألة الدخول في البرلمان من عدمه هي النظر في التسلسل الزمني للأحداث ودور الدعوة والحزب في كل منها ، إذ أن كثير من هذه المواقف كانت محل اتفاق من الجميع وإنما ظهر الاختلاف في وجهات النظر في الأحداث الأخيرة فقط ، وتحديداً من يوم 3/7/2013 وما تلاها من أحداث ، وأستطيع الآن بكل سهولة وبدون عناء أن أحصر مواقف العقلاء من هذه الأحداث في موقفين فقط لا ثالث لهما ، الأول يري ضرورة المشاركة مهما كانت الظروف ، والآخر يري الانسحاب ، إذ أصبحت فرص تغيير المشهد والتأثير فيه محدودة أو شبه منعدمة من وجهة نظره ، أما من أصر علي المواجهة والصدام فأظن أن الزمن كان كفيلاً وحده لبيان خطأ وخطر مسلكه ، والنتائج خير شاهد علي ذلك.

أقول أن استحضار المشهد العام بتتابع أحداثه يعطي لنا عدداً من الفوائد الهامة : منها ، أنه يوضح القاعدة العامة التي انطلق منها الاسلاميون جميعاً في ممارسة العمل السياسي وهي قوله تعالي " إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله " وأظن أن شرط الاستطاعة هذا كان واضحاً تمام الوضوح في تحركات معظم الاسلاميين وفي مفاوضاتهم وفي تصريحاتهم وغيرها ، أما أن يحاول البعض الآن الانقلاب علي هذا المبدأ فهو تغير جوهري في فلسفة المشاركة ككل لم يكن ينادي به أحد طوال هذه الفترة.

ومنها أنه يوضح الخط السياسي والفكري الذي التزمه حزب النور منذ بداية الأحداث وحتي الآن ، وأي منصف وإن اختلف مع الحزب في كثير أو قليل من المواقف إلا أنه لابد أن يشهد بأن هذا الحزب لم يغير لونه ولا جلده ، إنما يُعمل نفس القواعد والمنطلقات في قراءة المشهد ذو الفصول المتعددة ليخرج الموقف في النهاية متوافقاً مع الزمان والظروف والامكانيات.

ومنها أنه يوفر فرصة لكل لبيب أريب أن يجري أنواع من المقارنات والموازنات بين عدد من المواقف السابقة ليكتشف أن ما أقدمنا عليه من مواقف لم يكن جديداً في الحقيقة ولكن عند التأمل سيجد له نظائر وأشباه سبق أن أقدم التيار الاسلامي علي الدخول فيها أو على الأقل فعل ذلك بعض فصائله بلا نكير من أحد.

وحتي أوفر علي إخواني سرد الفترة الزمنية السابقة مع طولها وتشعب تفاصيلها ، فإني أحيل إلي قراءة كتاب " جامع بيانات الدعوة السلفية " الصادر عن أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم ، فقد قامت بجمع بيانات الدعوة كاملة ومرتبة زمنياً وفق الأحداث مع بعض التعليقات اليسيرة لتوضيح ما قد يغمض فهمه علي القارئ ، والكتاب بفضل الله سوف يعطي عرضاً جيداً ووافياً لمواقف الدعوة خلال هذه الفترة ، ويحقق الهدف الذي أشرت إليه آنفاً ، وسوف أذكر الآن أهم المواقف المحورية التي شاركت فيها الدعوة
بقوة ووضوح :-

1. كانت أولي فعاليات الدعوة السلفية في أثناء الثورة ذلك المؤتمر الذي عقدته الدعوة في الاسكندرية بمنطقة سيدي بشر لينقل توجهات الدعوة إلي أبناءها ومحبيها في هذه الفترة الحرجة ، ثم كانت الفاعلية الضخمة التي أقيمت في الاسكندرية بأرض سموحه والتي حضرها قادة الدعوة السلفية ليبينوا فيها حقيقة موقف الدعوة من الأحداث وليعلنوها قوية أنه " لا مساس بالمادة الثانية من الدستور" ، وقد انطلقت بعدها حملة الدفاع عن هوية مصر الاسلامية التي انتشرت في شتي ربوع مصر ، وقد كان التحرش بالمادة الثانية علي أشده وكان طموح الدعوة وقتها هو محاولة تحصنيها ليس إلا.

2. الحدث الثاني هو الموقف من التعديلات الدستورية ، وقد كان من أهم مميزاتها أنها حافظت علي المادة الثانية ، وبالتالي جاءت موافقة الدعوة علي هذه التعديلات من ناحية شرعية حيث أنها انتصرت للشريعة في وقت كان التربص بها علي أشدة ، ومن ناحية سياسية أنها كانت تمثل بوابة العبور إلي الحياة السياسية الجديدة وعودة الشرعية الدستورية إلي حين استكمال بناء هياكل الدولة الرسمية.

3. الحدث الثالث هو المشاركة في الانتخابات البرلمانية تحت إشراف المجلس العسكري ، وتعد هذه المشاركة هي الأولي من نوعها في تاريخ الدعوة التي لم يسبق لها المشاركة في الانتخابات قط ، وقد كانت الروح الدافعة للمشاركة وقتها هي ضرورة تواجد الحزب في الحياة السياسية الجديدة وعدم ترك الساحة لغير الاسلاميين مع الاتفاق علي خطورة ذلك ، وللحيلولة من الدخول في عزلة اختيارية علي الحزب والدعوة والتي من الوارد أن تؤدي إلي رجوع النمط الماضي كما هو.

4. الحدث الرابع هو المشاركة في الانتخابات الرئاسية بمرحلتيها الأولي والثانية ، والتي انتهت باختيار الدكتور مرسي علي غير رغبة كاملة منا ، ولكن كان هناك اتفاق علي خطورة رجوع النظام السابق ممثلاً في شخص أحد رموزه ، وهذا أيضاً من المواقف التي اجتهد فيها أبناء الدعوة والحزب في العمل الجاد علي الأرض رغم عدم تفضيلهم لهذا الاختيار.

5. الحدث الخامس هو المشاركة في لجنة المائة لكتابة الدستور ، وقد كانت تمثل بطبيعة الحال كل ألوان وفصائل المجتمع بما فيها الكنيسة والأحزاب الليبرالية ، والممثلين ، والفنانين وغيرهم ، وقد قامت الدعوة بجهد جهيد في سبيل إنجاح هذه المحاولة ، وانتهت لنتيجة مرضية بفضل الله.

6. الحدث السادس هو التواجد في مشهد 3/7 ، والذي يحلو للبعض أن يسميه مشهد عزل الرئيس المسلم ، وهو في الحقيقة مشاركة لإنقاذ التيار الاسلامي من المقصلة التي كانت تنتظره ، أما الرئيس فقد تم عزله في يوم 2/7 كما صرح بذلك المستشار محمود مكي علي قناة الجزيرة ، وبالتالي فقد كانت مشاركة الحزب في هذا المشهد هو من باب التواجد في مسرح الأحداث مع السلطة الجديدة التي آلت إليها مقاليد الحكم ، وقد حاولنا الحفاظ علي ما سبق من مكتسبات بقدر المستطاع مع صعوبة الظرف وخطورة المرحلة.

7. الحدث السابع هو المشاركة في لجنة الخمسين لتعديل الدستور ، وقد كانت المشاركة ضرورية للغاية للحفاظ علي الدستور من التعديل العبثي الذي كان سيتم علي يد كثير من المغرضين والمفسدين ، ورغم منطقية المشاركة إلا أن البعض رآها خيانة للشهداء وإماتة للقضية ، وقد خرج الدستور بفضل الله في النهاية في شكل ألجم كثيراً من هذه الأصوات خصوصاً مع الشبه الكبير بين مواد الدستورين ، وقد تناولت ذلك في دراسة مطولة بعنوان دراسة مقارنة بين دستوريي 2012- 2013منشورة علي موقع أنا السلفي.

8. الحدث الثامن هو المشاركة في الانتخابات الرئاسية ، والتي كانت الاختيارات فيها محصورة بين شخصين ، قامت الدعوة بدراسة ومقابلة كل شخصية علي حدة لتحدد أيهما أصلح لقيادة البلاد في هذا الوقت ، وقامت علي إثر ذلك باختيار الفريق عبد الفتاح السيسي.

أظن أننا الآن لو قمنا بمد الخط علي استقامته لوصلنا إلي نتيجة طبيعية للغاية وهي أننا منتظرون للحدث التاسع وهو الانتخابات البرلمانية ، إذ أن القاعدة التي تحكمنا هي أننا باقون في المشهد السياسي إلي أن يتغير تغيراً كلياً يستحيل معه تحقيق أي نوع من أنواع النفع.

2. متغيرات ما بعد الثورة ودورها في تغير اجتهاد الدعوة :-

يحاول البعض أن يُعمي نظره عن أي تغير تم في المجتمع ، ويصر علي بث روح من التثبيط والتشاؤم بما لا يؤدي إلا القعود وترك الساحة تعج بما لا يخفي علي أحد من أنواع الفساد والظلم والبعد عن الشرع ، ورغم أننا ندرك حجم المخالفات إلا أننا – كدعاة – نسعي دائما لبث روح التفاؤل والعمل متسلحين بالإيمان بالله والثقة فيه ، ثم العمل الدؤوب الجاد حتي تنفرج الكربة بإذن الله تعالي.

ومن خلال عرض التسلسل الزمني للأحداث بعد الثورة وحتي يومنا هذا ، يدرك أي عاقل أن هناك تغييرات في البنية السياسية العامة ، قد تكون دون مستوي الطموح ولكن يوجد فروق بين بيئة الممارسة السياسية قبل الثورة وما بعدها تتجلي فيما يلي :-

أولاً : علي مستوي الدستور :-

قدمنا أننا شاركنا في كتابة دستور الثورة ثم شاركنا أيضاً في كتابة تعديلاته ، وفي كل من الدستورين حرصنا – بفضل الله – علي تنقيته من أي شركيات أو معتقدات كفرية ، وكذلك منعنا أي مواد من الممكن أن تؤدي إلي انحلال المجتمع أو فساده ، وفي المقابل كانت معركتنا الكبرى حول الشريعة وتوضيح معناها بشكل لا يقبل اللبس أو الجدل وقد تم بحمد الله ، وكذلك ساهمنا في وضع متميز للأزهر بما يحفظ مكانته ومكانة علمائه ، كل هذه المستجدات لم يكن لها ذكر في دستور 71 ، لذا جاءت مشاركتنا السياسية بعد ذلك مبنية في الأساس علي هذه الخطوة.

ثانياً : علي مستوي الدولة :-

كان من النجاحات القليلة للثورة هو رحيل مبارك وشريحة كبيرة من رجال حكمه ورموز نظامه الذين ساهموا في إفساد الحياة السياسية برمتها ، والأهم من ذلك هو تفكك الحزب الحاكم الذي كان يرأسه ، والذي لم يترك أي متنفس لأي نوع من أنواع الممارسة السياسية لأي فصيل آخر، وقد تغول هذا الحزب بدرجة جعلته يتدنى لمستوي الأحزاب الديكتاتورية القمعية ، وبالتالي مع تفكك الحزب الوطني كقوة تنظيمية ترعاها الدولة أصبح مجال الممارسة مفتوح بدرجة جيدة تسمح ببذل الجهد والوقت لإتمام نجاح هذا المشروع ، ودورنا في المشاركة الحالية هو منع تكرار هذا النموذج مرة أخري وهذا لن يأتي إلا من خلال المشاركة الفعالة.

ثالثاً : علي مستوي المجتمع :-

كانت مقاطعة الانتخابات والعزوف عن المشاركة فيها هي عنوان الحياة السياسية في عهد النظام السابق ، وما إن سقط حتي أقبل الناس علي مشاركة غير مسبوقة في التعديلات الدستورية لعام 2011 وما تلاها من استحقاقات ، وقد كان هذه وحده كفيلاً لكي تدفع الدعوة بأبنائها ومحبيها لكي يشاركوا في صناعة هذا المستقبل الجديد ، ومعلوم أن عموم الجماهير ليس لديها صبر علي الاستمرارية خصوصاً عندما تري أن أصواتها ذهبت هدراً ، أو لم تؤثر بشكل واضح في إصلاح وتحسين الأمور ، لكن بالقطع ما يتوفر لدي أبناء الحزب السياسي من الوعي والادراك يختلف تماما عن التصورات البسيطة لرجل الشارع العادي ، وإن كانت رسائلنا التي نوجهها إلي عموم الناس أن المشاركة الفعالة القوية خير ضمان لعدم عودة التزوير.

رابعاً : علي مستوي الآليات والضمانات :-

لم تكن هناك أي ضمانات تحفظ الصوت الانتخابي للمواطن ، بل كان النظام الانتخابي مصمم خصيصاً لكي يتيح أكبر قدر ممكن من التلاعب وشراء الذمم وتسويد البطاقات في اللجان ، والتصويت نيابة عن الميتين ، وغير ذلك من الأساليب الغير شريفة ، ويكفي أن التصويت لم يكن ببطاقة الرقم القومي بل كان ببطاقة انتخابية يتم استخراجها من قسم الشرطة ، وهذه وحده كان كفيلاً بفساد العملية ككل.

ولا ننسي أننا قطعنا شوطاً كبيراً في وضع آليات وقواعد لكي تخنق عملية التزوير الفج ، فبدءاً من التصويت بالرقم القومي وانتهاء بالفرز في اللجان الفرعية كلها ضمانات جيدة ، والضمان الأول والأخير هو النزول بقوة ومراقبة سير العملية الانتخابية وحماية الصوت الانتخابي حتي إعلان النتيجة ، فالانتخابات هي " صوت في صندوق " ثم " رقم علي ورقة " ، وحماية الورقة لا تقل أهمية عن حماية الصوت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق